لماذا اتخذ الأمريكيون الفيل والحمار رموزاً لأهم حزبين في بلادهم؟
بعد أن تحدثنا في مقال سابق عن طبيعة الحكم في أمريكا، والسلطات التي تتألف منها الحكومة الفيدرالية والحزبين المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لابد لنا من معرفة أسباب اتخاذ كل من الفيل والحمار رمزين لهذين الحزبين،وهذا ما سنسلط عليه الضوء في هذا المقال.
اذا كان الفيل يتميز بالشراسة والذاكرة القوية، فان الحمار يتميز بالصبر والقوة، وهي صفات يجب ان يتسم بها القادة سواء في خوض المعارك العسكرية او السياسية.
ولعل هذا مادفع بأكبر حزبين اميركيين لاختيار شعاري الفيل والحمار لخوض معاركهما الانتخابية، وسنتحدث في مقالنا هذا عن سبب اتخاذ هذين الرموز لهذين الحزبين.
الحمار الديمقراطي:
لم يكن اختيار المرشح للرئاسة الأمريكية جو بايدن رمز الحمار شعاراً انتخابياً له من فراغ، فشعار الحمار الذي يرمز إلى الغباء والضعف في كثير من البلاد العربية يحمل معنى الشدة والمنافسة في الولايات المتحدة الأمريكية.
بدات قصة الحمار مع الديمقراطيين سنة 1828 حينما اختار المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة آنذاك أندرو جاكسون شعار (لنترك الشعب يحكم )، في خطوة أثارت سخرية الحزب الجمهوري الذي وصف هذا الشعار بأنه شعار رخيص.
ولقد قام جاكسون باختيار حماراٍ رماديِ اللون جميل المظهر، وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية، وقاده وسط القرى والمدن من أجل الدعاية لبرنامجه الإنتخابي «الشعبوي» ضد منافسه، الذي كان يظهر على أنه نخبوي وليس قريباً من هموم الناس.
غير أن الحمار لم يتحول إلى رمز سياسي للحزب الديمقراطي بشكل واسع النطاق سوى سنة 1870، عندما عمد رسام الكاريكاتير توماس ناست إلى اختيار حمار أسود اللون كرمز للحزب الديمقراطي.
منذ ذلك الحين أصبح الديمقراطيون يفخرون بحمارهم، لا بل ويدللونه عبر تنظيم مسابقات لرسم أفضل بورتريه للحمار الديمقراطي وإطلاق أفضل الشعارات السياسية التي يمكن أن ترافق صورته.
ولقد ظهر هذا الاهتمام جلياً في المؤتمر الديمقراطي الأخير بمدينة شارلوت بولاية نورث كارولينا، حيث درت مبيعات القمصان والقبعات والنظارات الشمسية وحمالات المفاتيح وأقداح القهوة، التي طبع عليها رسم الحمار الديمقراطي وهو في «مختلف الأوضاع» مئات الآلاف من الدولارات.
الفيل الجمهوري:
لقد ظهر الفيل الجمهوري الضخم كشعارٍ للحزب الجمهوري لأول مرة، في دعاية سياسية مساندةٍ لأبراهام لينكولن خلال الإنتخابات الرئاسية التي جرت عام 1860، حيث كانت الولايات المتحدة عبارة عن شبه قارة مقسمة بين الشمال والجنوب بسبب اختلاف المواقف حول قضية تحرير العبيد.
لقد قرر أبراهام لينكولن خوض غمار الانتخابات أملاً في توحيد البلاد، لكن الفيل لم يتحول إلى شعار سياسي للجمهوريين إلا عام 1870، وذلك عندما قام نفس الرسام بالتعبير عن تذمره مما وصفه بخروج الحزب الجمهوري عن قيمه الليبرالية، واختصر الحزب في رسم كاريكاتوري لفيل ضخم مذعور، يحطم كل ما تطؤه قدماه، ولقد كتب على جسمه عبارة (الصوت الجمهوري).
و على غرار الحمار الديموقراطي يحظى الفيل الجمهوري باهتمام إعلامي بالغ، في كل مناسبة سياسية في الولايات المتحدة وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، ويعتني الجمهوريون كثيراً بتلوينه وتحديد معالمه الضخمة في اللافتات الإعلانية الخاصة بالحزب.
كما يحرص الجمهوريون على ارتداء القبعات الضخمة المطبوع على مقدمتها، صور الفيل الملون بالأحمر والأزرق خلال تجمعاتهم الخطابية.
قد يهمك أيضاً:
الحكومة الفيدرالية والانتخابات في أمريكا
10 أمور يجب أن تعرفها قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية
ولتبقوا على اطلاع بآخر الأخبار يمكنكم متابعتنا على الفيسبوك:
الصفحة: الحياة في أمريكا- Life in America
المجموعة: الحياة في أمريكا
إعداد: هديل أسامة الغوثاني